06-30-2003, 12:33 PM
أما إذا خالفنا المنهج فقد حرمنا الخير الذى وعد الله به عباده فى حالة الإلتزام بنوعية الحوارات المذكورة سابقا ويتمثل حرمان الخير فى العديد من المظاهر مثل إنعدام البركة فى العلاقة بين الآباء والأبناء أو الإصابة بالأمراض أو إنعدام البركة فى المال و الوقت وغيرها الكثير من أعراض حرمان الخير حيث يقول الله تعالى أيضا فى كتابه الكريم "وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيدكم ويعفو عن كثير" الشورى 30.
يكتمل أمامنا بالتالى المنهج ونصل إلى أسلوب صلاح المجتمع وحلول البركة بصورة عامة حيث يقول الله فى كتابه الكريم " ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون" الأعراف 96 ويؤكد حديث الرسول على هذا المعنى حيث يقول عليه الصلاة والسلام" لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما ترزق الطير تغدو خماصا وتعود بطانا".
إذن يتلخص المطلوب من أعضاء المجتمع فى:
· الإيمان ويتكون من 76 شعبة (أنظر ص 5).
· التقوى التى يحث عليها الله فى كثير من المواضع.
· التوكل التام على الله.
يختلف التوكل على الله عن التواكل فمثلا يجب التأكد من أن الإيمان بالله و التقوى (وهو إقامة منهج الله) يؤدى إلى أن يفتح الله علينا بركات من السماء والأرض ويشير عدم حدوث هذا الفتح إلى عدم الإلتزام بالمنهج.
كما ذكر الله تعالى فى سورة الأنفال 29" يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم" أى أن تقوى الله أيضا تؤدى إلى أن يمنح الله صاحبها فرقانا أى فصلا بين الحق والباطل. أى أن من يتقى الله بفعل أوامره وترك زواجره يوفقه الله إلى معرفة الحق من الباطل وكان ذلك سببا فى نصره ونجاته ومخرجه فى أمور الدنيا وسعادته وتكفير ذنوبه فى الآخرة. كم يتأكد المعنى ذاته فى قول الله عز وجل فى سورة الطلاق 2-3 "ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شئ قدرا" و 4-5 " ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا* ذلك أمر الله أنزله إليكم ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا". نستخلص من ذلك أن مسئولية الإنسان تنحصر فى تقوى الله وبناء عليه:
· يجعل الله له مخرجا سواء فى أمور الدنيا أو الآخرة.
· يوفر له الرزق بصورة غير متوقعة.
· يسهل عليه جميع أموره بصورة عامة.
· يكفر سيئاته ويدخر له أجرا عظيما.
واستكمالا لنفس النقطة وهى سلوك المجتمع الذى يؤثر بصفة عامة على حياة الناس الذين يعيشون فيه ويؤدى إلى الكثير من المشاكل التى نعانى منها الآن يوضحها الله سبحانه وتعالى فى كتابه الكريم قائلا فى الآية 112 من سورة النحل "وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون". لا يقتصر الكفر بأنعم الله على الشرك به فقط ولكن يتمثل فى إنكار فضله وإغفال حقيقة صفاته بمعنى آخر الإنشغال بالعطاء عن المعطى وبالهبة عن الوهاب وبالرزق عن الرزاق. يمكن أن نقرب ذلك إلى الأذهان ينشغل الشخص بما وهبه الله من مهارات ويصبح أسيرا لها ولما يتوقعه من ترقيات أو فرص أفضل فى مجالات العمل وينسى الوهاب الذى وهبه إياها حيث لا فضل لنا فى أى شئ نملكه فالله هو المتفضل بالعطاء والمن.
كما يذكر الله أيضا الأسباب التى تؤدى إلى النصر فى سورة الحج آية 40-41 "ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوى عزيز* الذين إن مكانهم فى الأرض أقاموا الصلاة وأتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور".
يتضح من الآية الكريمة السابقة أنه إذا حرص الإنسان على نصر الله بصفة عامة أى نصر منهج الله والتزام تعاليمه عندما يمن على الناس بالإستقرار ومكان الإقامة أو يمعنى آخر الوطن تنحصر مهمتهم عندئذ فى:
· إقامة الصلاة.
· إيتاء الزكاة.
· الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.
بالإضافة إلىخشيه الله سرا وعلنا بمعنى خشية غضبه ورجاء رضاه حيث يقول الله "وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه" الأحزاب 37 وحتى نقرب ذلك إلى الأذهان (ولله المثل الأعلى) يصل الفرد فى حب الوالدين أو الأقارب أو الأصدقاء إلى درجة شديدة مما يجلعه يندم أشد الندم إذا غضب منه الشخص الذى يحبه نتيجة لأى تصرف من التصرفات المقصودة أو غير المقصودة والله سبحانه وتعالى أحق بهذه الخشية وأحق بهذا الندم عند ارتكاب المعاصى.
وكما ذكرنا سابقا أن منهج الله متكامل لا يتجزأ يستوجب الالتزام به من كافة الجوانب حتى نضمن أن يستقيم المجتمع ككل بقدر الإمكان وإذا قمنا بتحليل للعرض السابق نصل إلى أن الإنسان غالبا ما يستهلك ذهنه وعقله فيما لا يفيد تاركا ما يفيد وبمعنى آخر يستهلك الإنسان عقله بشكل يرهقه ويحيد به عن الأهم وهو كيفية الإلتزام بأوامر الله وإجتناب نواهيه ولا تعتقد أ، ذلك بالأمر الهين أو السهل فإن التفكير مثلا فيما يجب قوله وما لايجب قوله أو تحرى الحلال من الحرام فى أنواع المعاملات سواء مع الأهل أو الجيران أو الزملاء كيفية الوصول إلى الخشوع عند الصلاة أو تلاوة القرآن، كل ذلك وغيره من الأمور الهامة التى يجب أن تشغل ذهن الفرد حتى يتمكن من الوصول إلى تقوى الله التى يحثنا عليها فى كثير من المواضع .
أسأل الله لى ولكم التوفيق والصلاح حتى نكون ممن يأتى الله بقلب سليم وأسال الله أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا.