06-30-2003, 12:33 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
منهج الحياة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين نسأل الله العليم الخبير أن يوفقنا فى بحث الموضوع الذى نود إلقاء الضوء عليه فيما يلى وهو منهج الحياة فى الإطار الشرعى من الكتاب والسنة حيث أن منهج الله عبارة عن وحدة متكاملة مكونة من عدة عناصر بحيث لا تستقيم الحياة فى ظل غياب أحدها ونجد المرء أو المجتمع بصفة عامةيواجه مشاكل لا يدرى لها سببا وما هى إلا آثار ترك وإغفال منهج الله.
ينشغل المرء فى حياته بالكثير من الأمور التى يسعى لتحقيقها والوصول إليها أو الحفاظ عليها وقد لخصها الله سبحانه وتعالى فى الآية 24 من سورة التوبة حيث يخاطب الله رسوله قائلا "قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد فى سبيله فتربصوا حتى يأتى الله بأمره والله لا يهدى القوم الفاسقين" ونلاحظ أن الله سبحانه قد جمع فى هذه الآية العناصر التى يمكن أن تشغل المرء بصورة أو بأخرى سواء الخوف على الآباء أو الأبناء أو التعلق الزائد بالزوج أو الزوجة الذى يمكن أن يصل إلى حد تعبير أحد الطرفين بأن حبه للطرف الآخر وصل إلى الدرجة التى يستحيل معها الحياة بدون شريكه وبالمثل التجارة أو المال الذى رزقه الله ويخشى عليه من الضياع أو النقصان. كما نلاحظ أيضا إمكانية انشغال المرء بمسكنه وتعلق قلبه به وخشية سرقته أو إصابته با لتلف فى غيابه. يحتل كل عنصر من تلك العناصر جزءا من قلب المؤمن ويتركه مثقلا بأحمال لا طاقة له بها حيث أن الله لم يخلقه لذلك وفى ذلك يقول الخالق سبحانه فى كتابه العزيز " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" الذ1ريات 56.
عندما يجرى مثل هذا الحوار السابق يجيب المرء عادة بأن الله سبحانه وتعالى قد أمرنا بالأخذ بالأسباب وبالمثل فقد حث رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم أيضا على الأخذ بالأسباب، وتأتى الإجابة على ذلك بأن الله قد علمنا الأسباب التى يمكن أن نأخذ بها ثم نخلى قلوبنا مما يشغلها فمثلا قال الله فى كتابه العزيز "وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا" النساء 9.
إذن نخلص من ذلك أنه إذا خاف الآباء أن تحضرهم المنية تاركين خلفهم الأبناء عليهم بتقوى الله والتزام القول السديد. فى حين تجد الآباء مشغولين بالركض فى الدنيا باحثين عن سبل زيادة الدخل بحجة تأمين مستقبل الأبناء وقد علمنا الله كيفية تأمين مستقبلهم الذى يتلخص ببساطة فى:
· تقوى الله
· القول السديد
وبالنسبة للرغبة فى حفظ المساكن بالرجوع إلى الأثر نجد أنه جاء رجل إلى أبى الدرداء رضى الله عنه فقال: يا أبا الدرداء قد إحترق بيتك فقال: ما إحترق لم يكن الله عز وجل ليفعل ذلك بكلمات سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قلتهن اليوم ثم قال انهضوا بنا فانتهوا إلى داره وقد احترق ما حولها ولم يصبها شئ وهذه هى الكلمات قال النبى صلى الله عليه وسلم ( من قال حين يصبح وحين يمسى:" اللهم أنت ربى لا إله إلا أنت عليك توكلت وأنت رب العرش العظيم ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم أعلم أن الله على كل شئ قدير وأن الله أحاط بكل شئ علما، اللهم إنى أعوذ بك من شر نفسى ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، إن ربى على صراط مستقيم" لم يصبه فى نفسه ولا أهله ولا ماله شئ يكرهه) رواه ابن السنى عن أبى الدرداء رضى الله عنه.
ومثلا هناك من يبرر شراء التليفون المحمول بأن طريق الزوجة إلى محل عملها موحش وبالتالي يخشى عليها من الطوارئ، فى حين يمكن حدوث المشكلة فى الوقت الذى تكون فيه الشبكة معطلة. إلا أن الإلتزام بمنهج الله يجعل الإنسان فى راحة من أن الله سيتولى عنه تدبير كافة شئونه كما ذكر فى كتابه العزيز حيث أن شبكة الإتصالات الإلهية لا تعطل أبدا و الحمد لله.
أما الحديث والحوار بين الناس فقد وضع الله له أيضا القواعد والحدود التى يجب ألا يخرج عنها حيث ذكر فى سورة النساء 114 "لا خير فى كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك إبتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما" وإذا رجعنا للسنة المطهرة وجدنا الرسول عليه الصلاة والسلام وهو الذى لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى وذلك عن أبى هريرة رضى اله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال " ما قعد قوم مقعدا لا يذكرون الله عز وجل ويصلون على النبى صلى الله عليه وسلم إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة وإن دخلوا الجنة للثواب" وعن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يقول الله تعالى: " أنا عند ظن عبدى بى، وأنا معه إذا ذكرنى، فإن ذكرنى فى نفسه، ذكرته فى نفسى، وإن ذكرنى فى ملإ ذكرتة فى ملأ خير منهم".
إذا يتلخص نوع الحوار بين الناس طبقا لأوامر الله تعالى فى ما يلى:
· ذكر الله والصلاة على الرسول.
· الأمر بالصدقة.
· الأمر بالمعروف.
· الإصلاح بين الناس.